" منهم لله .. منهم لله .. "
يردد تلك الكلمات كأن هاتف من السماء اخبره الا يتوقف عن ترديدهم ابدا .. مهما حدث !
عمره تجاوز السبعين .. قدماه تركتا آثار فى الشارع بأكمله ذهابا واياب دون كلل او تعب
تفاصيل وجهه تحكى قصصا لا يعرفها غيره .. يده تحمل عصا صغيرة انحنى ظهره وهو ممسك بها .
جلبابه ملئ بالبقع كأنه لم يعرف الصابون من قبل ..
يأتى قبل الفجر ويردد كلماته تحت شرفتى بصوت متعب ، موجوع ، لم يعرف طعم الراحة منذ سنوات .
جسده المنهك لم يذق الدفء فى سريره منذ ان طرده ابنائه من منزله وتركاه يواجه العالم بمفرده .. بدون مال او ملابس .. يقدمون له وجبة طعام كلما تذكر انه جائع ! وان لم يطلب لا يتذكره احد ..
اختفى فترة كبيرة واختفت كلماته .. واختفى ونسه الموجع من الشارع بأكمله ..
لم يسأل احد عنه ولم يعرف احد مكانه منذ شهور ..
إلى ان ظهر فجأة .. و ظهر صوته اضعف ..
و وجدته يوما نائم امام منزله .. فى منتصف الشارع .. تحته بطانية صغيرة وفوقه اخرى..
ان رأيته تظنه كومة صغيرة يختبئ تحتها قط هارب من البرد ..
منذ ان رأيته هكذا وانا اختبئ فى سريرى كل ليلة .. وسادتى تحاول ان تهرب من صوته وانا لا اشعر بشئ سوى العجز .. كل ليلة ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق